[C] كان مسعود يعيش مع والدته في منزل بسيط في احدى القرى النائية، وكان والده قد توفي وهو لا يزال بعد في المهد. وكان مطيعاً ومحباً لوالدته لا يعصي لها أمراً ويساعدها في شؤون المنزل...
[/C]ولم تكن والدة مسعود تبخل عليه بالحب والعاطفة حتى عندما تكون متوعكة بسبب أزمات الربو التي كانت تصيبها من حين لآخر.
وكان يرعى الى جانب البيت ثلاث بقرات تركها والده له ولوالدته وكان يذهب كل يوم الى السوق ليبيع الحليب، ويعود حاملاً معه دراهم قليلة يشتري لأمه ببعضها الدواء وطعاماً بما يتبقى لديه.
وفي أحد الأيام، حلب مسعود بقراته، ووضع الحليب في أوعية محكمة الإغلاق وتأهب للذهاب الى السوق ليبيع الحليب كعادته، لكنه فجأة سمع سعال أمه المخنوق، فهرع الى داخل المنزل ونسي الحليب في الخارج.
كانت أم مسعود قد أصيبت بنوبة ربو حادة، فأسرع لإعطائها الدواء، وجلس بالقرب منها يهدئ من روعها.
وعندما هدأت نوبة السعال، ربت مسعود على كتف أمه، ووعدها بأن يبذل جهده ليعود باكراً من السوق، ثم قبلها وخرج. وأمام باب البيت، لم يجد مسعود أوعية الحليب، بحث هنا وهناك فلم يجد شيئاً.
لكن ماذا سيفعل؟ ومن أخذ الحليب؟ وكيف سيشتري لأمه الدواء؟ وكيف سيأكلان الطعام اليوم؟ كاد مسعود ان يقع على الأرض من فرط حزنه، وبينما هو على تلك الحال، نظر أمامه فوجد حجراً كبيراً، لم يكن موجوداً من قبل ولأن بال مسعود كان مشغولاً على الحليب، لم يهتم كثيراً لأمر الحجر، لكنه ذهب ليجلس عليه ويفكر في مخرج من المأزق، جلس مسعود على الحجر وما مرت دقيقتان الا وراح الحجر يتحرك تحته.. قفز مسعود مذعوراً ونظر الى الحجر فرأى تحته عصا ذهبية.
كان مسعود يشعر بالخوف لكن فضوله دفعه للاقتراب من تلك العصا، فمد يده، وسحبها من تحت الحجر.
كانت العصا جميلة للغاية، ومطلية بالذهب الخالص، ومرصعة بالاحجار الكريمة الملونة.
راح مسعود يتأمل العصا وقد أمسكها بين يديه، ثم شعر باهتزاز فيها فكاد ان يسقطها على الأرض، لكنه تمالك نفسه وظل ممسكاً بها.
وفجأة، صدر من العصا صوت وقالت:
أنا صولجان الملك بإمكانك ان تهزني ثلاث مرات حتى تحصل على ما تريد.
ارتبك مسعود قليلاً، ثم ربط جأشه، وقال للعصا:
كيف تتحدثين أيتها العصا؟ لم أر في حياتي عصا تتكلم كالبشر.
أنا صولجان الملك ولست عصا عادية. اذا كنت لا تريد استعمالي والاستفادة مني أعدني الى مكاني وضع الحجر فوقي.
لا، لكني أيتها العصا أريد معرفة الشخص الذي سرق الحليب.
أنا.
أنت، كيف؟
لقد وضعت الحليب بالقرب من الحجر فظننته إنسان وعندما اهتز الحجر كي اخرج سقطت اوعية الحليب في البئر.
وكيف احصل على الحليب ثانية؟ أمي مريضة وأنا أبيع الحليب كي اشتري بثمنه دواء.
هزني ثلاث مرات وستعود اليك آنية الحليب.
أمسك مسعود جيداً بالعصا، وعندما راح يهزها، أفاق من ذهوله، ووجد نفسه جالساً على حجر وفي يده غصن شجرة.. لم يكن هناك عصا ولا شيء آخر.
نظر مسعود باتجاه البيت فرأى اوعية الحليب تنتظره، فعرف انه كان يعيش حلماً من أحلام اليقظة، حمل مسعود أوعية الحليب وذهب الى السوق ليبيعها مثل كل يوم.
هـ .د